هل طريقة جلوسك تؤذي ظهرك؟ تعرّف على الطريقة الصحيحة للجلوس

22 يونيو 2020

توكا ماير

دفعنا الوباء للعمل من المنزل، ولم نكن على استعداد تام للعمل بدوام كامل نظرًا لعدم وجود بيئة عمل ملائمة لوضعية الجسم. بعدما لزمنا بيوتنا، لم يكن لدى معظمنا بيئة ومساحة فاعلة ومريحة للعمل من المنزل. وأنت على الأغلب قد أمضيت الأشهر الماضية محاولًا تهيئة بيئة مناسبة باستعمال ما هو متوفر، كالجلوس على كرسي استعرته من غرفة الطعام أو استخدام وسادة غرفة النوم لتضعها خلف ظهرك. إن مررت بهذا، فلا تقلق، فأنت لست الوحيد.

وفقًا لإستر جوخال، الخبيرة في وضعيات الجسم وعلاج الوخز بالإبر ومبتكرة "طريقة جوخال" (Gokhale Method)، ثمّة أشياء مهمة يمكنك القيام بها لتقلل الإجهاد على ظهرك بغض النظر عمّا تستعمله للجلوس خلال العمل من المنزل، كما أن الاعتناء بظهرك لا يعني بالضرورة شراء كراسي باهظة الثمن. تقول إستر: "لن تحتاج لشراء أي شيء باهظ الثمن إن كنت تعرف كيف تتعامل مع جسمك على النحو الصحيح".

ينبغي في البداية أن نشير إلى أن المشكلة ليست في الجلوس بحد ذاته، بل في طريقة الجلوس نفسها. تقول إستر جوخال إن الكثيرين يقارنون خطورة الجلوس المستمر بخطورة التدخين، لكن استعمال مقارنة كهذه غير مناسب؛ إذ لا أحد في مجتمعنا الحديث يعتني كثيرًا بفقرات ظهره أو عضلاته أو أعصابه أو صحته الجسمانية عمومًا.

إذن، ما الخطأ الذي نرتكبه؟

تكمن المشكلة في شيء تعلمناه جميعًا ونحن صغار، وبشكل غير صحيح على ما يبدو، ألا وهو الجلوس باستقامة مع الرجوع بالكتفين.

ترى إستر أن هذه النصيحة تجعل أجسامنا في الوضعية الخاطئة والمؤذية، وتضيف: "هذا يؤول في نهاية المطاف إلى تقوّس ظهورنا بسبب شد عضلاتنا، أعني عضلات الظهر التي سيخبرك معالج التدليك بأنها مشدودة. وشدها باستمرار يعني أنها تصبح قصيرة، ما يؤدي إلى انحناء الظهر، والضغط على الأقراص في أسفل العمود الفقري، وإلصاق حواف الفقرات بعضها ببعض بقوة".

ترى إستر جوخال أن بنيتك الجسمانية ربما تتغير إن استمررت في الجلوس باستقامة، قائلةً: "إن أصبحت هذه عادتك، شأن كثير من الناس، فإن تلك العضلات الضيقة والقصيرة ستمنع تدفق الدم في هذا الجزء من جسمك، وربما ينتج عن ذلك فقر الدم في الظهر بلا وسيلة للعلاج بشكل فاعل وكامل".

إن البقاء في تلك الوضعية يتطلب الكثير من الجهد، ويجعلنا سرعان ما نتعب وننحدر للأمام مرة أخرى إلى وضعيتنا السابقة.

إن كنت ترجع باستمرار إلى وضع الانحدار للأمام كما يفعل الكثيرون، فأنت بحاجة إلى تعلم كيفية إطالة الظهر، وهي الطريقة البديلة والصحيحة. بإمكانك أخذ فسحة قصيرة بشكل دوري خلال ساعات العمل لأجل تمديد عضلاتك لدقائق وجعلها تسترخي. ولعل أفضل طريقة لممارسة ذلك هو استغلال الوقت الذي تجلس فيه للتمدد على مسند الظهر. وبناءً على هذه الطريقة، ابتكرت إستر تقنية "تمديد الجلوس" للمساعدة في إتقان هذه الوضعية. والسر في هذه التقنية يكمن في عدم الضغط على عظمة العصعص واستعمال العضلات لاتخاذ وضعية الجلوس الصحيحة.

تصف إستر طريقة اتخاذ هذه الوضعية لإرخاء الظهر في حديث لها على منصةTEDx Talk ، بإمكانك مشاهدته بالنقر هنا. وإليك مقتطفًا منه:

"كل ما عليك فعله هو أن تجلس على كرسيك بحيث يرجع أسفل ظهرك للوراء بقدر ما أمكن، ثم تتزحزح قليلًا عن مسند الظهر. بعدها تضع قبضتيك أسفل قفصك الصدري من كلا الجهتين، وتدفع جسمك للوراء قليلًا بحيث تصبح منطقة أسفل الظهر أكثر تمددًا. الخطوة التي تلي ذلك هي أن تمسك بمقبضي كرسيك أو حوافه بإحكام، وترفع نفسك لأعلى بعيدًا عن الكرسي، لترجع بعدها قليلًا للخلف وتتمدد على مسند الظهر دون الجلوس.

من الأفضل أن تستعمل كرسيًا به مسند مريح للظهر. وبإمكانك وضع وسادة أو منشفة مطوية خلف ظهرك لتكون بمثابة حافة تساعدك في البقاء على وضعيتك للوصول إلى حالة من الاسترخاء الجسدي التام".

للحصول على ظهر سليم وقوي، من المهم أن نطور دعاماته الأساسية؛ لكن ينبغي تجنب ممارسة تمارين البطن. وفقًا لإستر جوخال، علينا التركيز على ما تطلق عليه اسم "مشدات الجسم الداخلي"، وهي مجموعة من العضلات الأساسية التي تدعم العمود الفقري؛ لكن المشكلة هنا تكمن في أن الناس يميلون إلى التركيز على تقوية عضلة واحدة، وهي عضلة البطن، بيد أنها في الحقيقة لا تساعد في دعم العمود الفقري.

تشير إستر إلى أن معظم التمارين التي من المفترض أن تقوي الظهر تتسبّب في إيذائه؛ فتمارين البطن تضغط على أقراص الظهر وتُنهك الأعصاب. لذا تنصح بدلًا من ذلك بتنشيط عضلات معينة عميقة في البطن والظهر، وبالتالي تتحمل تلك العضلات الضغط والعبء بدلًا من الأعصاب وفقرات الظهر عندما نؤدي نشاطاتنا اليومية. )تقدّم إستر دليلًا مجانيًا لرعاية مشدّك الداخلي على موقعها الإلكتروني).

قد يكون العمل على مكتب بدون كرسي أمرًا جيدًا؛ لأنك ستبقى واقفًا طول الوقت الذي تمضيه في العمل، لكن لا تزال طريقة تعاملك مع جسمك مهمة أيضًا. في أثناء الوقوف، توصي إستر جوخال بتبنّي وضعية "الاستعداد" والحفاظ على قليل من الشد في ركبتيك بحيث لا تكون متمددةً بالكامل. يقف معظم الناس بطريقة تجعل الضغط كله ينصبّ على المفاصل، بحيث يتم تمديد الركبتين بالكامل حتى التصاق المفصلين، والشيء نفسه يحدث مع الوركين، إضافةً إلى ذلك يبقى الظهر مقوسًا لمدة طويلة. توضح إستر ذلك قائلةً: "الفخذ هو المكان الذي تجري فيه الدورة الدموية من الساقين وإليهما، وطريقة الوقوف الخاطئة تلك قد تعرقل الدورة الدموية وتتسبب في انحناء العمود الفقري وانتفاخ الأربطة وتلف الأقراص".

إليك ما تحتاج إلى تعديله في وضعيتك. تقول إستر جوخال: "أنصح الناس أن يتخذوا وضعية الاستعداد ويتعودوا الاعتماد على العضلات بشكل رئيسي بدلًا من استخدام المفاصل والاعتماد عليها، وهذا بالطبع يتطلب مجهودًا عضليًا، لكنه يضمن سلامة المفاصل بإزاحة الضغط عنها. وإن كانت عضلاتك غير معتادة على العمل ولو قليلًا، فقد تحتاج إلى ممارسة تمرين الكرسي (وهو تمرين مستعار من "اليوجا") لتقوية العضلات التي ستحتاج إليها في وضعية الوقوف الجديدة والصحيحة. وبشكل عام، القاعدة الأساسية هي أن تستخدم عضلاتك بحيث تحافظ على مفاصلك".

تحدثنا حتى الآن عن جلوسك على الكرسي، لكن ماذا عن الأريكة؟

من المهم أن تركّز على صحة ظهرك بغض النظر عن مكان جلوسك أو استرخائك. في الواقع، لا ينتهي التأثير الإيجابي أو السلبي لعاداتنا بانتهاء دوام العمل، بل إن كل ما نفعله له تأثير على أجسامنا. لذا، ينبغي أن نفكر في التمدد قليلًا حتى عند جلوسنا على الأريكة كما تقترح جوخال.

لا يعني هذا بالضرورة أن تجلس مشدودًا، أو أن تتجنب الاسترخاء التام على أريكتك المريحة، بل حاول أن تحافظ على وضعية جسمك في المستوى المثالي والصحيح. وربما تحتاج إلى إضافة مزيد من الوسائد إن شعرت أنك بحاجة إلى مزيد من الدعم. الشيء المهم هو أن تكون مستلقيًا باستقامة واسترخاء دون شد أو توتر في جسمك. تقول إستر: "المهم هو طريقة الجلوس التي من خلالها تتجنب أي تقوس أو ثني في أسفل الظهر".

طريقة النوم تؤثر على ظهرك أيضًا. هناك وضعيات عديدة للنوم، وتنصح إستر جوخال بتجنّب النوم على البطن؛ لأن تلك الوضعية تتسبب في تقوس الظهر بشكل كبير وتضطر رقبتك إلى أن تدور 90 درجة، ما يسبب ضغطًا كبيرًا على جسمك. بدلًا من ذلك، جرّب النوم على أحد الجانبين، مع وضع وسادة بين ركبتيك لموازنة الوركين أو النوم على ظهرك إن كنت تعاني من آلام الظهر.

الرائع في كل هذا هو أنك لا تحتاج إلى سرير فاخر لتحقيق الاسترخاء المطلوب. أهم شيء هو أن تمدّد جسمك. إن كنت منكمشًا طول النهار، فستبقى كذلك حتى في أثناء النوم والاسترخاء على سريرك. لذا، توصي إستر بالتمدد قليلًا بعد الاستلقاء مباشرة والتركيز على تمديد ظهرك بدلًا من شد الكتفين ومحاولة تقويس العمود الفقري. بهذه الطريقة يمكنك الاسترخاء والحصول على نوم جيد والمحافظة على صحة ظهرك.

 

عن المؤلفة

ماري هالتون هي محرر محتوى مساعد في TED وصحفية علمية مقرها في شمال غرب المحيط الهادئ.