متأسف لإزعاجك، ولكن هل تقول "آسف" كثيرًا؟ هذا ما عليك قوله بدلاً من ذلك
تقول عالمة الاجتماع ماجا جوفانوفيتش عندما نعتذر بلا داعٍ، تتضاءل قيمتنا ونقلل من قيمة ما نحاول التعبير عنه.
فكر في جميع الأوقات التي تقول فيها كلمة “آسف” في اليوم العادي. هنالك “آسف” تُقال للضرورة مثلاً – عندما تصطدم بشخص ما – أو عندما تلغي خططاً مع صديق. ولكن ماذا عن الـ “آسف” غير الضرورية؟ مثل التي تُقال في الاجتماع “آسف، ربما هذه الفكرة واضحة”، أو عندما يُقال “آسف للتسبب بمشكلة” عند تغيير موعد تصفيف الشعر، أو عندما يُقال “آسف هناك تسرب في ممر الألبان” في السوبرماركت.
تعتقد عالمة الاجتماع الكندية ماجا جوفانوفيتش أن الأسف الذي نكرره خلال أيامنا يؤذينا؛ إذ يجلعنا نبدو أصغر حجمًا وأكثر ترددًا مما نحن عليه، ويمكن أن يضعف ثقتنا بأنفسنا.
أصبحت جوفانوفيتش، التي تدرّس في جامعة ماكماستر وكلية موهوك في أونتاريو، مهتمة بهذا الموضوع عندما حضرت مؤتمر قبل أربع سنوات. وتقول إن النساء الأربع اللاتي كنّ في المؤتمر كنّ خبيرات في المجالات التي اخترنها. من بينها أنهن نشرن مئات المقالات الأكاديمية والعشرات من الكتب. كل ما كان عليهن فعله هو تقديم أنفسهن. التقطت أول امرأة ميكروفون وقالت “لا أعرف ما إن كان هناك ما باستطاعتي أن أضيفه إلى هذا النقاش”… تلتقط المرأة الثانية الميكروفون وتقول “يا ألهي، ظننت أنهم أرسلوا البريد الإلكتروني إلى الشخص الخطأ. أشعر بالامتنان لوجودي هنا”. وفعلت المرأتان الثالثة والرابعة الشيء نفسه.
وتستذكر جوفانوفيتش، خلال 25 ندوة لهذا المؤتمر التي استمر أسبوعًا، “لم أسمع قط رجلاً يأخذ الميكروفون ويقلل من إنجازاته أو ينقص من خبراته. وكل مرة تأخذ فيها امرأة ميكروفون كان من المؤكد اتباعها للهجة اعتذار”. وتضيف “وجدت الأمر مثيرًا للغضب، كما وجدته مفجعًا".
لاحظت جوفانوفيتش عدم وجود اختلاف في العالم الخارجي، فتقول “لقد أصبح الاعتذار طريقتنا الاعتيادية للتواصل”، ومنذ ذلك الحين، بدأت في جمع عدد المرات التي تُقال فيها الـ“آسف” غير الضرورية من زميلاتها وطالباتها. تقول جوفانوفيتش “أبرز هذه المرات هي اعتذار مساعدة البحث الخاصة بي لرجل توصيل البيتزا لكونه متأخرًا على منزلها. قالت: يا إلهي، نعيش في منطقة جديدة قليلة التطور. آسفة جدًا، هل واجهت صعوبة في العثور على هذا المكان؟”.
يمكننا حذف كلمة “آسف” من جملنا – مع بقائنا محترمين. تقول جوفانوفيتش “في المرة المقبلة عندما تصطدم بشخص ما، يمكنك أن تقول “واصل مسيرك”، أو “من بعدك”، أو “العفو”. وبالمثل خلال اجتماع بدلاً من قول “آسف على مقاطعتك”، لما لا تجرب قول “ماذا عن”، أو “لدي فكرة”، أو “أود أن أضيف”، أو “لما لا نجرب هذه؟”. الفكرة هي أن تكون مهذبًا مع عدم التقليل من قيمة نفسك.
يجب ملاحظة اعتذاراتنا التي تملأ تواصلنا المكتوب أيضًا وإبعادها. تقول جوفانوفيتش ” بالنسبة إلى رسائل البريد الإلكتروني، هناك ميزة فيGoogle Chrome تسمى “لست آسفًا” والتي ستنبهك إلى جميع الاعتذارات غير الضرورية. تقول “أما بالنسبة للرسائل النصية، كل واحد منا رد على رسالة نصية وصلته ولم تتمكن من الرد على الفور، ماذا قلتم حينها؟ آسف. تقول جوفانوفيتش “لا تعتذر قل “كنت أعمل”، أو “كنت أقرأ”، أو “كنت أقود”، أو كنت أرتدي ملابس داخلية. مهما كان ردك، فإنه جيد. لا يجب أن تعتذر.
وفي بعض الأحيان التي عادةً ما نقول فيها “آسف”، يمكننا فقط استخدام الكلمتين السحريتين: “شكراً لك”.
تخبرنا جوفانوفيتش عن اللحظة التي أدركت فيها مدى تأثير الامتنان. تقول “جلسنا نحن أربعة أشخاص في مطعم لاجتماع عمل ننتظر وصول الشخص الخامس، بدأت أنظر من منظور اجتماعي وفكرت ماذا سيقول؟ ما كمية الاعتذارات التي سيقدمها؟ بالكاد استطعت أن أصبر أكثر. لقد وصل لكن هل تعلم ما الذي قاله؟ قال “مرحبًا، شكراً على الانتظار” … قال البقية منا “حسنًا، أهلا وسهلاً”، وبدء جمعينا بفتح القوائم والطلب. واستمرت الأمور، وكان كل شيء على ما يرام”.
تريد مثال آخر عندما يكون استخدامنا لـ “شكرًا لك” أفضل من قول “آسف”؟ عندما تدرك أثناء كلامك مع صديقك أنك استوليت على زمام الحديث. تقول جوفانوفيتش “بدلاً من قول “آسف على الشكوى”، أو “آسف للتنفيس عني”، بإمكانك قول “شكرًا على الاستماع”، أو “شكراً لك على وجودك”، أو “شكرًا لك على كونك صديقي”.
ينبغي علينا بالإضافة إلى إزالتها من تواصلنا، أن نخبر الآخرين عندما يبالغون في تقديم الاعتذارات. تقترح جوفانوفيتش وتقول “يمكنك البدء مع عائلتك وأصدقائك – وإن أردت، فتجاوزهم. تقول “لقد أوقفت هذه الاعتذارات منذ ثلاث سنوات. وسأفعل ذلك في كل مكان، سأفعلها في موقف السيارات، سأفعل ذلك لمجمل الغرباء في متجر البقالة، ومئة في المئة عندما أقاطع امرأة واسألها لماذا قلتِ إنك آسفة على هذا؟ ستقول لي “لا أعلم”.
شاهد محاضرتها في الحلقة الحوارية TEDxTrinityBellwoodsWomen هنا: