معرض صور: المرأة في غزة وسعيها الحثيث للحصول على حقها في التعليم العالي

28 فبراير 2017

تُضطر النساء القابعات في هذا القطاع المتنازع عليه إلى الخضوع لإجراءات طويلة ومحبطة أملاً في الحصول على فرصةٍ لمتابعة دراستهن في إحدى الجامعات في الخارج. نستعرض في هذه المقالة قصصًا لأربعٍ من هؤلاء الشابات الطموحات.


تقول المصورة الفلسطينية المولودة في الكويت لورا بوشناق: "في رأيي، هناك حقان أساسيان من حقوق الإنسان؛ هما الحق في التعليم وحرية التنقل". بالنسبة لهؤلاء النسوة، القراءة فعل تحد). "والآن، تخيل أنك محروم من كليهما". هذه هي حال الكثيرين في قطاع غزة، حيث العروض الجامعية تكون محدودةً بشكلٍ خاص. التقطت بوشناق هذه الصور في ربيع العام 2016، وضمتها مؤخرًا إلى مشروعها "أنا أقرأ، أنا أكتب"، الذي يركز على فتيات العرب ونسائهن اللائي يسعين إلى تحسين حيواتهن بالتعليم. على أنّ سعي الغزاويات إلى متابعة دراستهن الجامعية يصطدم بالحصار الذي تفرضه إسرائيل و"مصر" على قطاع غزة.

ونتيجة لذلك، يتطلب السفر إلى خارج القطاع الحصول على تصريح خروج، غالبًا ينتظره الطلاب لأشهرٍ، وأحيانًا لأكثر من سنة، ثم يجدون طلباتهم قد قوبلت بالرفض. ولكن توضح بوشناق، زميلة TED، أنّه بالرغم من كل هذه العوائق والانتكاسات، فإن "القاسم المشترك الوحيد بين قصص قطاع غزة هو الأمل". "كل هؤلاء النسوة الصريحات لا يقبلن بالرفض كإجابة، وهن يعلمن أن النظام ينبغي أن يتغير".

مدارس مزدحمة

يبلغ عدد السكان في غزة مليوني نسمة، وهو عدد يزداد بوتيرة متسارعة. تعمل المدارس فترتين، والفصول فيها كبيرة، يسع كل فصل منها ما بين 40 إلى 50 طالبًا. وتتوقع الأمم المتحدة، التي تدير العديد من مدارس القطاع، أنه نظرًا للنمو السكاني المتوقع، ستكون هناك بحاجة إلى 440 مدرسة إضافية بحلول العام 2020. ورغم هذا الزحام الذي تعاني منه المدارس، فإن معدلات محو الأمية مرتفعة في غزة: 93% بالنسبة للنساء، و98% بالنسبة للرجال.

مجالٌ للتنفس

يبلغ طول قطاع غزة 24.9 ميلاً وعرضها 6.2 ميلاً فقط، ويحده مصر وإسرائيل والبحر المتوسط، والذي في شاطئه يجد الغزاويون مجالاً للتنفس. وفي العام 2005، سحبت إسرائيل قواتها وقرابة 7000 مستوطن يهودي من قطاع غزة. وبعد ذلك بعام، فازت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية الفلسطينية. عندما سيطرت حماس على قطاع غزة، فرضت إسرائيل حصارًا على القطاع، كما حاصرت مصر الحدود الجنوبية، مما قيد حركة البضائع والأشخاص.

التعبير عن الذات بالموسيقى

في أحد ستوديوهات غزة، تجلس ريم، البالغة من العمر 26 عامًا، لتسجيل مقطوعة موسيقية شاركت في تأليفها؛ وريم عازفة عود علمت نفسها بنفسها، وهي الأنثى الوحيدة في فرقتها الموسيقية، إلا أن حكومة حماس منعتها مؤخرًا من تقديم العروض الموسيقية في الأماكن العامة. تقول ريم: "غزة مكانٌ محافظ للغاية، ولم يعهد الغزاويون أن تقوم فتاة بالعزف على آلة العود". "ولذلك من النادر أن تجد فتاة تعزف على العود، كما لو أنّه أمر سيء. وهذا جعلني أكثر إصرارًا على تعلم العزف عليه، وكانت والدتي دائمًا داعمة لشغفي بالموسيقى". وترغب ريم في دراسة الموسيقى في الخارج، إذ لا توجد مدارس موسيقى في غزة. تقول ريم: "تقدمت بطلب مرة واحدة للالتحاق ببرنامج دراسي في الخارج، إلا أنه قوبل بالرفض؛ إذ قال المنظمون نظرًا لوجود شك في إمكانية مغادرتي غزة في الوقت المحدد للانضمام إلى البرنامج الدراسي، فقد فضلوا منح مكاني لشخص آخر".

نعمة في ظل الصعاب

تجلس ريم في الظلام وتشاهد التلفاز وقت انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في غزة (لديها مولد صغير لتشغيل التلفاز). تقول ريم: "نواجه الكثير من المصاعب على جميع الجبهات". "بالإضافة إلى القيود المفروضة على حركتنا، تخضع المرأة للعديد من الضغوط الاجتماعية. أنا لا أرتدي الحجاب إلا في الخارج لأنه من المفترض أن أقوم بذلك. وعندما أشعر بالضيق، ألعب الموسيقى. الموسيقى حياتي".

قوة الأسرة

تنضم أسماء، البالغة من العمر 21 سنة، إلى أسرتها الممتدة المكونة من ست أخوات، وخمسة إخوة وأطفالهم في نزهة على الشاطئ. يضغط عليها والداها للزواج والبقاء في غزة؛ بيْد أنّها ترى أنها لا تزال صغيرة، وهي ترغب في إنهاء دراستها أولاً؛ إذ تقول: "عندما أخبرت والدي أنني أريد أن أدرس في الخارج، كان رده: (عندما يتقدم رجل إليك، يمكنك الزواج ثم السفر معه)".

دعاء للهروب

تناجي أسماء ربها ليسهل عليها مغادرة غزة. بعد قبولها لدراسة الأدب الإنجليزي في إحدى جامعات الولايات المتحدة، تحاول أسماء منذ أكثر من عام المرور عبر أحد المعابر الحدودية الرسمية، لكنها غير قادرة على الحصول على تصاريح السفر اللازمة.

تلتمس أسماء وصديقها محمد المشورة القانونية من محام في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة بعد رفض تصريح سفرها الأخير. وفيما يتعلق بكيفية تعاملها مع التوتر والقلق، تقول: "أقرأ، وأستمع إلى الموسيقى، وأقضي الوقت مع الأصدقاء. ليس هناك الكثير لتقوم به هنا في غزة، لكني أسعى إلى تحويل كل هذه المشاكل إلى طاقة إيجابية حتى أحقق هدفي". وفي أكتوبر 2016، استطاعت أسماء مغادرة غزة، وهي الآن تتابع دراستها في الولايات المتحدة الأمريكية.

ترفيه منفصل

تلتقط أسماء وصديقتها عبير صور سيلفي في حفل موسيقي منفصل في غزة. عبير صحافية تعمل في صحيفة لندن تايمز وصحف أخرى، ولديها العديد من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تعبر بحرية عن آرائها النقدية حول السياسة وحقوق المرأة. تقول: "غزة مجتمع محافظ للغاية، ولكن لأن مهنتي تتطلب الكثير من الحركة، ليس لدي مشكلة في التنقل بمفردي". تقتصر حرية التنقل على القطاع، ولكنها عند السفر إلى دولة أخرى تواجه نفس القيود التي يواجهها السكان الآخرون. تقول عبير: "مرت تسع سنوات منذ بدء الحصار عندما كان عمري 20 عامًا". "وقد نجوت من 3 حروب اندلعت في غزة خلال أقل من 6 سنوات".

مجابهة ثقافتها

عبير في لقاء مع سامي أبو وطفة من وزارة الثقافة التي تديرها حماس في مكتبه في غزة. كانت تسأله عن افتتاح مهرجان سينمائي مدته خمسة أيام، تأخر لبضع ساعات عندما دخل رجال الشرطة القاعة للتأكد من تطبيق الفصل بين الجنسين على الحضور. تقول: "أنا أبلغ من العمر 29 عامًا، ولم أتزوج بعد، ولكن بحسب الأعراف هنا، فأنا متأخرة في الزواج". "في حالتي، لأنني أعمل ومستقلة مالية، يجد الشاب صعوبة في الحصول على موافقة أهله على الزواج بي. فأنا عند الناس لا أستطيع أن أعد كوب قهوة؛ إذ يقولون (إنها منفتحة وليست كفتياتنا)".

منظور عالمي

تفصح عبير عن رأي تشاركها فيه فتيات أخريات من سنها، إذ تقول: "لكم أود لو أستطيع الخروج من غزة والعودة إليها متى أشاء بسهولة ومن دون عائق". حصلت على زمالة رويترز الأكاديمية التي تتيح لها الالتحاق بجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة مدة عام واحد، وقد أُجبرت على قضاء ستة أسابيع في الأردن بانتظار الحصول على تأشيرة، ولكن سُمح لها أخيرًا بالذهاب إلى المملكة المتحدة في ديسمبر.

أمٌ داعمة

تنتظر سالي، البالغة من العمر 18 سنة، مع والدتها على الحدود مع رفح المصرية، آملةً في أن يُنادى على اسمها. لقد قُبلت لدراسة الطب في ألمانيا، وصدرت الموافقة على تأشيرتها إلى ألمانيا، ولكن بعد رفض تصريح سفرها من الأردن ثلاث مرات، تمكن والدها من إضافة اسمها إلى قائمة للسفر عبر رفح. وفي هذا اليوم، حزمت متعلقاتها وذهبت إلى الحدود للانتظار مع والديها وإخوتها، غير متأكدين من إمكانية عبورها إلى الجانب الآخر. تقول: "يُفتح معبر رفح عادة لبضعة أيام في السنة، يتدفق فيها الناس إلى هنا، متحفزين للمغادرة". "لقد قرأت العديد من القصص التي نشرها الناس على وسائل التواصل الاجتماعي حول ما يلاقونه من إذلال ومشقة خلال إجراءات العبور".

حسرة - ثم نجاح

تشعر سالي بحسرة كبيرة بعدما لم يُعلن عن اسمها في القائمة الأولى للمسافرين. تقول: "يريد والداي أن أغادر، فهما لا يريان لي مستقبلاً في غزة، لكنني قد أعود يومًا ما وأعمل هنا كجراحة لمساعدة الناس". في وقت لاحق من ذلك اليوم، نودي على اسمها أخيرًا وسُمح لها بالذهاب إلى الجانب المصري من الحدود. وفي صباح اليوم التالي، استقلت حافلة صغيرة إلى القاهرة، ثم سافرت إلى ألمانيا، حيث تتعلم الألمانية قبل بدء دراستها الطبية.

عن المؤلفين

داريل تشين هي محررة قسم الأفكار Ideas في TED.

لورا بوشناق مصورة فلسطينية مقيمة في سراييفو، وقد نالت جائزة Terry O'Neill Photography في المملكة المتحدة في العام 2013، وحصلت أيضا على منحة الاستقلالية التحريرية Getty Images / Lean In في العام 2014.