ليس لديك هدف أو شغف بعينه؟ لا داعي للقلق
أفالون نوفو
يحثّك الناس على إيجاد غاية لنفسك واكتشاف شغفك. أصارحك القول إنني لا أوافق على هذا المنطق، ذلك لأن طبيعتنا البشرية تمنحنا الكثير من الفرص والإمكانات والاهتمامات والأفكار التي لا ينبغي اختزالها أو حصرها في شيء وحيد.
لماذا نضغط على أنفسنا ونجعلها تكتفي بهدف أو شغف واحد؟
تتغير نظرتنا حيال أمور كثيرة إذ نمضي في الحياة قدمًا؛ لأننا ننمو ونتعلم ونتغير باستمرار. فما الذي يضمن أن يبقى هدفك في العشرينيات من عمرك هو نفسه في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات وما بعدها؟
من جانبي، لم أشعر أبدًا بأن لدي هدفًا واحدًا فقط أسعى وراءه. بل عندما حاولتُ ذلك شعرتُ بالانزعاج؛ فهذه الاستراتيجية بالنسبة لي زائفة لا تعكس ما أتميز به. ومن ثم صرتُ أسعى وراء كل ما يُضفي المعنى ويبث روح الشغف في كل ما أفعله بدلًا من تركيز طاقتي وحصرها على هدف أو شغف بعينه.
أحقق ذلك عبر أسئلة أطرحها على نفسي:
كيف أنمّي ما لدي من صفات اللطف والرعاية والفرح والصبر لأضفي المعنى على علاقتي بنفسي وبالآخرين من حولي؟
ما مستوى الانفتاح والفضول الذي ينبغي أن أتحلى به لإضفاء معنى على الوظائف والمهام التي أؤديها في حياتي (وهذا يشمل الأمور التي أنجزها ولا تجلب أي شعور بالمتعة بداخلي)؟
لا أعرف شخصًا استطاع الحصول على وظيفة أحلامه دون المرور بوظائف لا يحبها. وأنا بالتأكيد واحدة من هؤلاء، فقد عملتُ في مجالات عدة، من ضمنها جليسة أطفال، وبائعة قمصان للسياح الذين يزورون منطقتي، كما عملتُ في مجال الأزياء والموضة، وكذلك عملت مديرة. وسواءً كنتُ أذهب للعمل بصفتي جليسة أطفال أو مديرة، حرصتُ دائمًا على أن أحتفظ بحس الفضول والشغف بالمعرفة.
حتى عندما كنتُ أشعر أن كل ما أريده هو التظاهر بالمرض أو مشاهدة حلقات مسلسلي المفضّل دفعة واحدة مع صديقتي "مولي"، كنتُ دائمًا أستحضر طاقتي الداخلية كلها وأدفع نفسي للانهماك فيما أعمله كيلا تفوتني الدروس المهمة التي سأتعلمها والخبرة التي سأكتسبها من خلال عملي.
كان من المهم جدًا كلما قمتُ بأشياء لا أستمتع بها أن أقول لنفسي: "لا بأس أنني لا أحب هذا العمل، لكن ماذا سأتعلم منه؟"
ينبغي ألا يؤثر العمل بدوام ثابت على نظرتنا لأنفسنا والأمور من حولنا. لربما تصبح وظيفتك ذات مغزى كبير ومصدرًا للشغف إن غيّرت نظرتك تجاهها. وحتى في حال كانت وظيفتك مجرد وسيلة تساعدك في تغطية فواتيرك، فهذا أمر جيد جدًا ولا حرج فيه.
لعل أفضل النصائح التي تلقيتُها كانت من والد صديقتي غريس حين كنا في بداية مشوارنا المهني. كانت نصيحته كالتالي: "لا تقلقي بشأن ما هو مطلوب منك خلال العمل بدوام ثابت، بل ركزي على من تكونين في أوقات هذا الدوام".
إن كنت تعرف جيدًا الهدف والشغف الذي تريد أن تتبعه، فهذه أيضًا طريقة رائعة للمضي في الحياة، وأنا أدعم كل خطوة تخطوها نحو هدفك وشغفك.
وفي حال أصابتك الحيرة بخصوص اختيار هدفك أو شغفك، فلا مشكلة في ذلك ما دمت لا تحصر نفسك في فكرة الهدف الواحد. بل اجعل تركيزك منصبًا على إضفاء المعنى والشغف على جميع مناحي حياتك عمومًا، سواءً في محادثاتك اليومية أو مكان عملك أو وظيفتك أو مساحتك المنزلية.