أربع عادات إدارية سيئة لا بد من كسرها
جلين هارفي
لتصرفات القادة تأثير يمتد أثره إلى جميع أرجاء المؤسسة التي يقودونها. تساعد التصرفات الإيجابية في تهيئة بيئة من الاحترام المتبادل والثقة، في حين تؤدي التصرفات السلبية إلى انعدام الثقة بين أفراد فريق العمل وتعويق كفاءتهم وفاعليتهم.
بالطبع لا تنشأ العادات السّيئة للقائد من أول يوم ينضم فيه إلى المؤسسة، بل تتطور تدريجيًا وتتشكل مع مرور الوقت. ومن المؤسف أن المؤسسات عندما تمنح الترقية لموظفيها لا تضطلع بتوجيههم إلى تغيير العادات السلبية التي اكتسبوها من منصبهم السابق، وهذا هو ما يؤدي بهذه المؤسسات إلى الفشل في الغالب، وفقًا لما قالته إليزابيث لايل، الخبيرة في تكوين الفرق عالية الكفاءة.
تقول إليزابيث، المدير الإداري والشريك بمؤسسة " مجموعة بوستون الاستشارية " (Boston Consulting Group): "عندما تتولى منصبًا جديدًا، فعليك إلى جانب التخلي عن مسؤوليات المنصب السابق أن تتخلى عن العادات التي جعلتك ناجحًا في ذلك المنصب".
إليك عادات من شأنها أن تعرقل نجاح القادة وأفراد فرقهم، وسبل التخلص منها.
العادة السيئة رقم 1: الانفراد بحل المشكلاتبدلًا من تفويضها
يصعد معظم الموظفين السلم الوظيفي وتتم ترقيتهم بفضل قدرتهم على حل المشكلات؛ لكنهم بعد ترقيتهم إلى قادة يواصلون الطريقة نفسها التي اتبعوها في حل المشكلات، ظنًا منهم أن ذلك سيجعلهم ناجحين كما في السابق.
يبدو ذلك منطقيًا، إلا أن انفرادهم بحل المشكلات ليس أمرًا عمليًا؛ إذ إن انفراد القائد بحل المشكلات في كل مرة يعرقل أعضاء فريقه من انتهاز فرص ثمينة للتعلّم والنمو.
كيف تتخلص من هذه العادة.
1.دع فريقك يتولى بعض المسؤوليات، وأخبرهم بذلك
تقول إليزابيث: "ينبغي أن نعلن بكل وضوح عمّا لا يمكننا القيام به بعد الآن، لأجل أن نفسح المجال لبقية الموظفين لصعود السلم الوظيفي والنجاح في مهامهم بالطرق التي تناسبهم".
بصفتك قائدًا، عليك تمرير بعض المهام لأفراد الفريق، خصوصًا إذا استدعت تلك المهام مهارات حل المشكلات. وبإمكانك إن أردت أن تجعل الأمر رسميًا وتسند المهام لفريقك في حفل أو مناسبة تعقدها. تقترح إليزابيث أن تلتزم أنت وفريقك بخطة للعمل وتخبرهم بما فعلته من قبل وما تتوقعه منهم وما ستفعله لدعمهم، وتوضّح لهم أنك لست من سيحل المشكلات من الآن فصاعدًا، بل ستضطلع بمراجعة الحلول التي يقترحونها.
2. تعوّد على قول "لا أعرف"
تقول إليزابيث: "نعتقدُ نحن القادة أن علينا الإجابة عن جميع الأسئلة التي تُطرح علينا. لكن الواقع هو أن ثمّة أسئلة لا نعرف إجاباتها أو ربما لم تطرأ على أذهاننا من قبل".
كما تعتقد أنه على المؤسسات توخي الحذر من القادة الذين يزعمون أن لديهم إجابات جاهزة عن جميع التساؤلات ولا يفكرون بتأن في إجاباتهم، وأن على القادة التفكير مليّا قبل إعطاء ردود أو اقتراح حُلول، وأن يختبروا تفكير الآخرين ومنطقهم بأن يطلبوا منهم اقتراح إجابات.
عندما يقدّم القائد أجوبة اعتباطية ومتسرعة لأي سؤال يتلقاه، فهو بذلك قد قدّم مثالًا سيئًا لفريقه يفيد ضمنيًا بأن قول "لا أدري" غير مقبول. ومن ثم يعتاد أفراد الفريق على منح أجوبة مشابهة وغير كاملة. لذا ينبغي للقادة تهيئة البيئة الملائمة التي تُسَهّل على الأفراد وضع اقتراحاتهم ومشاركة أفكارهم وحلولهم.
تضيف إليزابيث قائلةً: "إن تقدّم إليك أحد أفراد الفريق بسؤال لا تملك الإجابة عنه، قاوم رغبتك في إعطاء ظنون أو تخمينات. وعبّر بكل صراحة عن عدم معرفتك للإجابة، لأنك إن استخدمت عبارات من قبيل «لستُ متأكدًا، لكن أظن أن الجواب هو...» فسيظن أفراد فريقك أن تخمينك ذاك هو الإجابة التي يبحثون عنها. تصريحُك بعدم معرفة الإجابة لا يجعلك أقل كفاءة، بل يُظهر مدى مسؤوليتك ومهاراتك القيادية".
العادة السيئة رقم 2: اللومعلى الأخبار السيئة
جزء من طبيعتنا نحن البشر أننا نحب الأخبار الجيدة ونكره سماع ما يعكر صفونا، لكن بعض القادة يتمادون أحيانًا في هذا الأمر ويعمدون إلى معاتبة أعضاء فريقهم ولومهم إذا ما أشاروا الى مشكلة ما أو شاركوا أخبارًا سيئة.
تقول إليزابيث: "هذه الطريقة في التعامل مع الأخبار السيئة تجعل الناس يتحاشون التحدّث إلينا بصراحة، وهذا بالتأكيد لا يحل المشكلات، بل يجعلها تتفاقم لتصبح أزمات يصعب التعامل معها، ذلك لأن الفريق قد أضحى الآن يتحاشى التحدث عن المشكلات خوفًا من ردة الفعل. وبالمقابل، إذا كان فريقك يعرف مسبقًا أن استجابتك ستكون إيجابية، فستحصل على رؤية أدق وأصدق لما يجري وستبقى على اطلاع بالمشكلات الراهنة، وسيشير الفريق للمشكلات التي يواجهها منذ البداية، ما سيمنحك فرصة لمساعدتهم قبل أن تتضخم المشكلة".
كيف تكسر هذه العادة: عندما تتلقى أخبارًا سيئة، تريث ثم قل: "شكرًا لك"
تقول إليزابيث: "عادة ما يكون القلق والشعور بالتوتر هو ما يُثير المشاعر السلبية لدى القادة؛ فالفكرة التي تراود القائد بمجرد سماعه أخبارًا سلبية هي «لا بد أن أحل هذه المشكلة». اعتبر نفسك جزءًا من الفريق وإن كنت أنت القائد، وتريث بدلًا من الهلع واستثارة المشاعر السلبية في نفسك وفي فريقك، وتمهل قليلًا ونظّم أفكارك قبل أن تتفاعل مع الوضع".
تقترح إليزابيث أنه إذا ما كنت شخصًا سريع الانفعال ألا تتعجل، وأن تكيّف استجابتك للأخبار السيئة، وأن "تأخذ على نفسك عهدًا بأن يكون أول ما يخرج من فمك هو أن تجيب قائلًا: "شكرًا لإخباري، لأن ذلك سيساعدنا في حل المشكلة قبل أن تتفاقم".
تشرح لنا إليزابيث أنه عندما "تعترض" ردة فعلك التلقائية بعبارة شكر، "سيدخل دماغك في نمط تفكير مختلف، لأنك قمت بإيقاف ردة فعلك الطبيعية في ذلك الموقف، وسترى الأمور من منظور مختلف، وستتمكن من التصرف بشكل مُغاير".
العادة السيئة رقم 3: تَجنُب المشكلات المعقدة
في عالم الأعمال، من النادر أن نجد تحديات سهلة أو بسيطة، بل على العكس من ذلك، غالبًا ما تكون المشكلات التي نواجهها معقدة جدًا. ومع ذلك، يقع بعض القادة في خطأ الاستهانة بمدى تعقيد المشكلات التي يواجهونها.
تقول إليزابيث: "نحاول التعامل مع المشكلات المعقدة عن طريق اجتماعات تكون في الغالب غير مجدية. لأننا في تلك الاجتماعات الرسمية نتفادى كل ما من شأنه أن يسبب خلافًا ونتحاشى الجوانب المعقدة عند مناقشة الموضوع. وهذا بالطبع لا يحل المشكلة البتة".
كيف تكسر هذه العادة: اجعل النقاش يتمحور حول مدى تعقيد المشكلة
بدلًا من غض الطرف عن الموضوعات الشائكة والمعقدة، خصص بعضًا من الوقت مع فريقك لمناقشتها وإيجاد الحلول لها.
توجه إليزابيث نصيحة للقائد قائلةً: "خصص وقتًا في نهاية كل اجتماع، واجعل أفراد الفريق على اطلاع كامل بالمشكلة، وافتح المجال لطرح اقتراحاتهم بخصوص الحلول الممكنة لتجاوزها. شجّعهم على التعقيب على قراراتك، واطلب آراءهم حول مكامن الخلل في استنتاجاتك وكيف يمكن العمل عليها".
هناك استراتيجية أخرى لتوسيع نطاق النقاش لحل المشكلات المعقدة، تتمثل في طرح الأسئلة للحصول على زوايا رؤية مختلفة. اطلب من ثلاثة أشخاص صياغة طريقتهم في حل المشكلة المطروحة، وبعدها تتم مناقشة كل اقتراح على حدة. تقول إليزابيث: "على الأغلب، ستحصل على ثلاث طرق ناجعة وفعالة لحل المشكلة".
العادة السيئة رقم 4: عدم طلب آراء وتعقيبات الآخرين
يُعد طلب آراء وانطباعات الآخرين أمرًا مهمًا، والأهم من ذلك هو كيف ومتى نطلب ذلك. كما أن الحصول على تقييم وملاحظات وانطباعات الآخرين في بداية المسار المهني أمر بالغة الأهمية. تُقِر إليزابيث بأنها لم تعرف أهمية هذا الأمر إلا بعد أن أسست مسارها المهني ولم يعد من حولها يستطيعون مشاركة صريح آرائهم معها.
تقول إليزابيث: "في مرحلة ما من مسيرتك المهنية، يكون يسيرًا على الناس التعبير عن انطباعهم ومشاركة آرائهم عنك بصراحة، لأن منصبك لا يمثل إشكالية لهم. احرص على طلب انطباعات الناس في بداية مشوارك المهني؛ لأن ذلك سيجعلك معروفًا برغبتك الصادقة لمعرفة آراء الآخرين". وحتى لو تقدمت عنهم أو صرت قائدهم، فهم يعلمون مسبقًا أنك ستتقبل آراءهم وأفكارهم بصدر رحب.
ولا داعي للقلق إذا شعرتَ بأنه قد أصبح من الصعب عليك أن تتلقي آراءً وانطباعات صريحة، فلا زال بإمكانك فعل ذلك.
كيف تكسر هذه العادة: كن دقيقًا عند طلبك للآراء
للحصول على تقييمات مفيدة، عليك أن تكون دقيقًا. تقول إليزابيث: "عندما تطلب من الآخرين تقييم عملك، اطلب منهم تقييمًا صريحًا بخصوص أمر محدد، وتجنب الطلبات المبهمة، كأن تقول مثلًا «سأعطيك تقييمًا كل أسبوعين، وأريدك ان تفعل الأمر نفسه»، فهذا يجعل طلبك غامضًا وربما غير مفهوم".
تنصح إليزابيث بمناقشة سيناريوهات محددة والحصول على نقد بناء يساعدنا في التخلص من هذه العادات السيئة. فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تقول لأحد أفراد فريقك: «لم أقصد أن أكون أول المتحدثين في اجتماع صباح أمس، ولكنني تحدثتُ على كل حال. عندما نعقد اجتماعًا في المرة المقبلة، لن أكون أول من يتحدث لكي أتيح الفرصة لأعضاء فريقي للتعبير عن آرائهم أولًا». كما يمكنك طرح هذه الأسئلة: هل يمكنك تذكيري إذا التزمتُ بهذا في أثناء الاجتماع القادم؟ هل لديك نصائح إضافية لكي أجعل الآخرين يشاركون أفكارهم في الاجتماع؟ تقول إليزابيث لايل: "عندما تطرح أسئلة كهذه، فأنت تُظهر لمخاطَبك مدى أهمية رأيه وبأنك ستأخذ نصائحه بعين الاعتبار".
طلبك لآراء فريقك بخصوص ممارساتك في سيناريوهات محددة، ستحصل على ردودهم الصادقة وستُظهر لهم بذلك مدى استعدادك لكسر تلك العادات بمساعدتهم.
يمكنك مشاهدة محاضرة إليزابيث لايل هنا: