غادة كريم: مهندسة الطاقة الشمسية

15 أبريل 2021

رسالة نصية واحدة غيّرت حياة فتاة من غزة وقلبت موازين أفكارها وطموحها وآمالها بالرغم من كل المعوقات والانتقادات. واجهتها تساؤلات عديدة: "كيف لفتاة أن تعمل بالبراغي والمفكات؟ هل أنتِ رجل كي تتعلقي على الأسطح؟ الشباب لا يجدون عملًا وأنت تعتقدين أن الأبواب مفتوحة أمامك؟"

كل هذه التساؤلات واجهت غادة ذات العشرين ربيعًا التي تلقت رسالة نصية تبلغها بأنها ستكون من أوائل الأشخاص اللذين التحقوا ببرنامج فني في الطاقة الشمسية الذي قدمته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في قطاع غزة بدعم من الحكومة الألمانية، لتصبح بعد ذلك من أول مهندسة في الطاقة الشمسية بالقطاع.

تقول غادة: "كانت البداية 70٪ من التدريب العملي، وأصبح لدي شغف شديد لتعلم هذا الفن. كان التشجيع من والدي وعائلتي كبيرًا جدًا، إضافةً إلى المهندسين اللذين لم يبخلوا بتقديم المساعدة، وتعلمتُ جيدًا كل ما أحتاجه".

تتمنى غادة أن يأتي اليوم الذي تغادر فيه القطاع لتكون سفيرة للطاقة البديلة، وأن تزور شركات أجنبية تزيد من خبرتها بحيث تتوسع أكثر في بحور هذا المجال.

كل ما حققته لم يمنعها من إكمال دراستها الجامعية في إدارة الأعمال، إذ ترى غادة أن تعدد التخصصات يتيح فرصة أكبر لتحقيق الآمال والطموح. وبالرغم من قسوة الظروف وصعوبة التنسيق بين تخصصات عدة، حصلت على معدل 99٪ في تخصص فني الطاقة الشمسية.

ترغب غادة في أن تكون نموذجًا لكل فتاة تسعى لتحقيق حلمها رغم الصعوبات. وفي هذا الصدد تقول: "نحن الآن في عصر التكنولوجيا. وليس ثمة فرق بين الشاب والفتاة في الإبداع وتحصيل العلم. المهم في النهاية هو تحقيق الإنتاجية والجودة في العمل".

تضيف غادة: "كانت عبارة «كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم» ترافقني طوال حياتي. هذا العمل شاق، ويتطلب جهدًا كبيرًا، ويحتاج إلى التوفيق بين الدراسة والعمل من الثامنة صباحًا إلى السابعة مساءً، لكن بناء النفس يأتي مع بذل الجهد".

غادة خفيفة الظل، ولها علاقات اجتماعية قوية، ولا تخاف التغيير على الرغم من صغر سنها، ولا تسمح لشيء بالوقوف أمام طموحها في مكان محاصر تُدفن فيه الآمال، ومن ثم أضحتْ مثالًا شاهدًا على أن الإبداع يخرج من رحم المعاناة.

تقول غادة والابتسامة تعلو وجهها: "أحب اللحظة التي أعود فيها للمنزل لأجد أمي قد أعدّت طبقي المفضّل. رائحة طعامها تمنحني دفعة جديدة من الطاقة أكمل بها يومًا آخر".

عن المؤلفة

أميرة حرودة هي صحفية مستقلة في قطاع غزة. تعمل بشكل مستمر مع صحفيين دوليين يغطون آخر الأخبار من قطاع غزة. تعاملت مع العديد من الوكالات الإعلامية المرموقة وذات الشهرة العالمية، من بينهم: قناة الجزيرة الدولية، واشنطن بوست (The Washington Post)، ومجلة الجارديان (The Guardian)، و CNN، و TRT World، و Der Spiegel، وغيرها. تعشق أميرة عملها الذي يقربها للناس لتسرد قصصهم وتصور نجاحهم، آمالهم وطموحهم. وتتمنى ان يكون هناك تسليط أكبر على الإبداع الموجود في جيل الشباب الفلسطيني.